الأربعاء، 13 مارس 2013

حول العالم فى 200 يوم .. انيس منصور




كنت مسافرا وحيدا .. فى يدى حقيبة بها ملابس قليلة جدا وكلما بليت الملابس القيتها واشتريت غيرها ,اريد ان اكون خفيفا فلا استطيع ان احمل حقيبة ثقيلة وقلبا ثقيلا ايضا!

كتاب حول العالم في 200 يوم للكاتب انيس منصور
عدد الصفحات 604 من القطع الكبير
دار الشروق
الطبعة الثامنة 2010
صدرت الطبعة الاولي منه عام 1963
من اشهر كتب الكاتب الكبير انيس منصور وهو اول باكورة انتاجة في ادب الرحلات فيأتي بعدة كتب مثل اعجب الرحلات في التاريخ و بلاد الله خلق الله .
عندما اردت ان اشتري الكتاب ذهبت الي باعة الكتب في شارع طلعت حرب بجوار ميدان التحرير ولكنني لم اجده .. وان اخبرني البائع ان اذهب الي مكتبة الشروق ، فذهبت الي مكتبة الشروق ولكنني وجدت الكتاب قد نفذ من عندهم ، علي الرغم من ان الكتاب من ستينات القرن العشرين الا انه مازال رائجا حتى اليوم بالرغم من التقدم التكنولوجى من انترنت واقمار صناعية  وتواصل بلا حدود, وايضا رغم تغير تلك البلاد التى زارها انيس منصور وتقدمها مع مرور الزمن .. الا ان للكتاب مذاق خاص فهو لم يعد مجرد رحلة حول العالم فقط , بل اصبح ايضا رحلة مع الزمن للوراء مما اكسبه معنا جديدا . 
ذهبت الي مكتبة مدبولي وسألت عن الكتاب فأخبرنى البائع هناك انة موجود بالفعل ثم ذهب واحضرة لي .. امسكت بالكتاب وقد استعظمت حجمة فأنا لم يكن لدي كتاب في مثل حجمة الكبير هذا ولكنني كنت سعيدا للحصول علية اخيرا .. دفعت ثمنة 75 جنيها- بينما كان ثمنة عام 1963 ستين قرشا - وانصرفت ..
ركبت البغال في اعلي الهملايا وركبت النفاثة من هوليود الي واشنطن وكان الامريكان ينظرون لي باعجاب وحسد فقد كانت النفاثة شيئا جديدا  وركبت الفيل وركبت زوارقا وظللت واقفا ست ساعات فقد كانت المياة مليئة بالافاعى والتماسيح في اقصى جنوب الهند, واكلت الموز بالشطة في سنغافورة, وشربت الشاى بالملح فى اندونسيا, واكلت الاناناس مع الغربان فى سيلان, واكلت الخبز المصنوع من السمك فى جزيرة بالى .. واكلت الضفادع والثعابين البرية فى هونج كونج .. ارتديت الدوتى فى كيرالا, ولبست الكيمونو فى طوكيو, ومشيت ربع عريان فى هونولولو وكان لى اصدقاء من اصحاب الملاليم ,واصدقاء من اصحاب الملايين وكانت صداقاتي لا تستغرق الا ساعات أو اياما وبعد ذلك ارحل الى بلاد جديدة ... 
بدء انيس منصور رحلتة فى كتاب حول العالم في  200 يوم من الهند وانتهت في الولايات المتحدة الامريكية مرورا بسيلان وسنغافورة واستراليا والفلبين وهونج كونج واليابان وجزر هاواي
ويتضح من خلال صفحات الكتاب اسلوب انيس منصور الرائع في وصف الاحداث والاماكن .. وحتى السخرية مما حوله
الصينى رجل متفوق فى عملة يفكر بيديه ويتفلسف بمعدته .. والموسيقى تدل على براعة الصينيين فى شيئ واحد هو انهم استطاعوا ان يحبسوا عشرات القطط والفيران فى آلاتهم الموسيقية . فالبيانو صراع دائم بين دجاجة وراءها عشرات من الكتاكيت الصغيرة ضد عرسة كاسرة .. اما القيثارة فهى تشبة افعى قد تكومت على صدر احد الحواة تنتظر عصفورا اطلقة احد المتفرجين .. اما بقية الاصوات الموسيقية فهى تشبة ضرب الحلل بالملاعق .. ثم ضرب المستمعين بالجزم . 
كان دائم التنقل من بلد الي بلد مستقلا الطائرات النفاثة او الطائرات ذات المحركات
لقد زار الدلاي لاما والتقط لة عدة صور فى الهند
وزار بيت احمد عرابى في سيلان والذى تحول بعد وفاتة الي متحف
وانبهر بالراديو الترانزيستور والتقي بفتايات الجيشا فى اليابان
وكتب عن زراعة الؤلؤ في هونج كونج
وزار هوليود والتقى بمارلين مونرو  
جاءت صفحات هذا الكتاب صورة لافكارى ومتاعبى ومشاكلى .. فقد كتبتها جالسا مقرفصا فى سريرى هربا من البعوض واحيانا خوفا من الافاعى والعقارب وكتبتها تحت اشجار الموز وكتبتها في ظلال جوز الهند وعلى منضدة استأجرتها من حديقة الدومين فى مدينة سيدنى وكتبتها على مصابيح الجيشا فى كيوتو وسجلتها وانا مريض وسجلتها وانا خائف من الطريق الطويل الذى لم يمش فية احد قبلى ..
وكنت اتفاهم بكل اللغات التى اعرفها وكنت اتفاهم بالأشارة .. وكنت اتفاهم عن طريق التراجمة وعن طريق تراجمة للتراجمة ..   
من منا لم يحلم بالسفر حول العالم ورؤيته تلك البلاد التى سمع عنها وحتى التى لم يسمع عنها يوما
انها المتعة .. والثقافة .. وذكريات السفر الجميلة التى لا توصف 
حول العالم فى 200 يوم كتاب اكثر من رائع قرأته مرة، وأعيد قراءته من جديد فهو ليس مجرد وصف لتلك البلاد التي زارها انيس منصور فقط
بل وصف البشر, وسلوكهم, وافكارهم, وتاريخهم ...
ووصف اللحظات التي عاشها انيس منصور فى تلك البلاد
لتقرأ بعد ذلك الكتاب لتجد نفسك مع انيس منصور تعيش فى تلك البلاد وتتنقل في كل مكان حاملا حقيبة ظهر صغيرة وكاميرا فوتوغرافية فقط
وعقل كبير يستوعب كل ذلك العالم ..      
لو طلبت منى ايها القارئ ان القي قلمى وادور حول العالم من جديد, نفس الطريق, ونفس الامراض، ونفس المخاوف فانى لن اتردد .. فليس في الدنيا اروع من السفر وذكريات السفر, وليس اروع من ان يستمتع بقراءتها بعد ذلك كل الذين لم يسافروا, وكل الذين يحلمون ببلاد بعيدة جديدة ! 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق