الخميس، 18 أبريل 2013

عودة الروح ـ توفيق الحكيم



عندما يصير الزمن الى الخلود
سوف نراك من جديد
لأنك صائر الى هناك
حيث الكل فى واحد

رواية عودة الروح للكاتب الكبير توفيق الحكيم
الناشر دار مصر للطباعة

فى عودة الروح يصور لنا توفيق الحكيم حياة اسرة مصرية بسيطة محسن طالب فى البكالوريا ـ الثانوية العامة ـ يعيش مع اعمامة حنفى وعبدة وعمتة زنوبة ومعهم ابن عمهم سليم وخادمهم مبروك
يطلقون على انفسهم لقب الشعب ويقيمون جميعا فى حجرة واحدة بينما تقيم زنوبة فى حجرة منفصلة .
على الرغم من بساطة حياتهم الشديدة الا انهم كانوا مترابطين جميعا حتي مبروك الخادم كان ينام معهم في ذات الحجرة ويجلس معهم لتناول الطعام لا توجد أي تفرقة فى المعاملة معهم جميعا, يعيشون حياتهم في غاية السعادة سعادة خالى البال المستريح من كل هم وكدر ولا يولى المشكلات اهتماما ..
حياة الكل في واحد, هكذا اجتمع افراد الأسرة في نفس مشهد بداية الرواية ونهايتها ..
اجتمعوا علي شيئا واحد ولا يمكن تفريقهم ابدا .
ولكن راحة البال هذة ما تلبث ان تتبدد عندما يتعرف افراد الشعب الى سنية الفتاة المراهقة رائعة الجمال ابنة الدكتور احمد حلمى والذى يسكن مع زوجتة وابنتة الوحيدة فى المنزل المقابل لمنزلهم .

" بل حقيقة تجهلها اوروبا للأسف .. نعم ان هذا الشعب الذي تحسبه جاهلا ليعلم اشياء كثيرة, لكنة يعلمها بقلبه لا بعقله !.. ان الحكمة العليا في دمه ولا يعلم !.. والقوة في نفسه ولا يعلم !.. هذا شعب قديم : جئ بفلاح من هؤلاء واخرج قلبه تجد فيه رواسب عشرة آلاف سنة, من تجاريب ومعرفة رسب بعضها فوق بعض وهو لا يدري !.. "

كتب توفيق الحكيم الرواية عام 1927 والحوار فى الرواية بالعامية البسيطة وتحتوى على قدر كبير من السخرية والفكاهة ووصف الحياة في مصر فى تلك الفترة ما قبل واثناء ثورة 1919 وترابط جميع افراد الشعب واحلامهم بالحرية والأستقلال .
فى عودة الروح تجد نفسك تعيش فى تلك الفترة من تاريخ مصر مع محسن واعمامة افراد الشعب للتعرف علي عمق الأنسان المصري وروحه الكامنه فى صدره ..

" احرم الأوروبي من المدرسة يصبح اجهل من الجهل !.. قوة اوروبا الوحيدة هي العقل !.. تلك الآلة المدودة التي يجب ان نملأها نحن بارادتنا. اما قوة مصر ففي القلب الذي لاقاع له .. ولهذا كان المصريون القدماء لا يملكون في لغتهم القديمة لفظة يميزون بها بين العقل والقلب . العقل والقلب عندهم كان يعبر عنهما بكلمة واحدة هى : القلب !.. "

ابطال الرواية هم شخصيات عادية تجدها فى المجتمع المصري كثيرا ينفرد كلا منهم بشخصيته الخاصه  
محسن اصغر افراد الشعب سنا يدور محور الرواية حولة طالب فى البكالوريا يحب عيشته البسيطة مع اعمامة على الرغم من والدة ثري من الاعيان وامة من اصل تركى الا انه كان يجد انجذابا ناحية أعمامة ويحب الحياة البسيطة معهم ولا يطيق فراقهم , يقع في حب سنية ولكنها لم تولي حبه اهتماما بسبب صغر سنة . 
الريس حنفى كبير البيت يعمل مدرس للحساب بمدرسة خليل اغا الابتدائية يطلقون علية لقب الرئيس شرف بينما فى المدرسة يطلق علية التلاميذ لقب حنفى افندى ابو زعيزع .. لم يتزوج بعد على الرغم من كبر سنة, هادئ البال دوما ولا يتدخل فى اى خلاف يحدث فى البيت طلبا لراحة الدماغ ويحب النوم كثيرا .
سليم اليوزباشى فى البوليس المصرى الموقوف عن العمل لمغازلتة سيدة شامية واستخدام سلطتة في الدخول الي بيتها زعما لتفتيشه .. 
بارد الاعصاب ويحب المزاح ولة شاربين كبيرين يستعمل الكوزماتيك فى تثبيتهما ويحب مغازلة النساء كما يحب الاهتمام بمظهرة على الرغم من بساطة ملابسة .
عبدة طالب فى الهندسة عصبى المزاج شديد التحمس لة صوت عال يستعملة فى المشاجرة مع الجميع ولكنة فى داخلة على قدر من الطيبة ويحب الجميع .
زنوبة العانس تبحث عن عريس بعدما فاتها قطار الزواج لتعلل هى الأمر بعد ذلك بالبخت الأسود والنصيب, وتطمع فى الزواج من جارهم
مصطفى راجي وهو شاب عاطل يعتمد على والدة صاحب محل المنيفاتورة فى المحلة الذى يرسل لة المال اللازم لمصاريف حياتة الهادئة حيث يقضى معظم وقتة فى الجلوس الى مقهى المعلم شحاتة المقابل للمنزل الذى يقطنون فية جميعا .
سنية الفتاة المراهقة الجميلة على قدر من الذكاء والتى يقع فى غرامها محسن وعبدة وسليم ومصطفى لا ادرى لماذا تلاعبت بعبدة وسليم وايضا محسن ؟. ثم فى النهاية اختارت مصطفى راجى جارهم .   
وكأنما سنية هى الحرية التي التى احبوها وظلوا يبحثون جميعا عنها ويحلمون بالحصول عليها بدون جدوي وعلي الرغم من انها اصبحت لشخص آخر الا انهم لم يفقدوا الأمل وواصلوا كفاحهم فى الحياة املا فى نيل الحرية لجميع افراد الشعب
الرواية كانت في جزئين وجدت الجزء الأول ساخرا وفكاهى اما الجزء الثانى فقد اضطربت العلاقة بين بيت الدكتور احمد حلمى وبين بيت الشعب وسرعان ما انقطعت تماما ليقع محسن وعبدة وسليم في اليأس وتسود الدنيا امامهم تجمعهم جميعا نفس المحنه والحزن, ولكن تبدأ الروح تعود اليهم مرة اخري مع جميع شعب مصر الذي التف حول زعيمهم سعد زغلول مع اندلاع ثورة 1919 ومشاركة جميع المصريين في الثورة بروح واحدة ضد الأحتلال البريطاني 

" امة اتت في فجر الأنسانية بمعجزة الاهرام لن تعجز عن الاتيان بمعجزة اخري او معجزات !.. امة يزعمون انها ميتة منذ قرون, ولا يرون قلبها العظيم بارزا نحو السماء بين رمال الجيزة !.. لقد صنعت مصر قلبها بيدها ليعيش الأبد ..! "

تصور رواية عودة الروح قوة الأنسان المصري الدفينة, والتي قد ينسي هو نفسة وجودها بداخلة, فهو مهما طال صبرة وتحملة للآلم والمعاناه فسوف يثور ذات يوم ..
ثورة لا يوقفها احد اذا ما اندلعت مثل ثورة 19 ,وثورة 23يوليو , واخيرا ثورة 25 يناير
المصري ثائر بطبعة ولكنة ايضا حمول وصبور وهو لا يحب ان يستغل صبرة وتحملة في استعبادة ابدا مهما حدث .  
     

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق