حقًا
إنني أعيشُ في زمنٍ أسود
الكلمة الطيبة لا تجدُ من يسمعها
والجبهة الصافية تفضح الخيانة
والذي ما زال يضحك
لم يسمعْ بعدُ بالنبأ الرهيب
أي زمنٍ هذا ؟
الحديث عن الأشجار يوشك أن يكون جريمة
لأنه يعني الصمت على جرائم أشد هولاً
ذلك الذي يعبر الطريق مرتاح البال
ألا يستطيع أصحابه
الذين يعانون الضيق
أن يتحدثوا إليه ؟
صحيحٌ أني ما زلت أكسب راتبي
ولكن صدقوني، ليس هذا إلا محض مصادفة
إذ لا شيء مما أعمله
يبرر أن آكل حتى الشبع
صدفة، أنني ما زلت حيًّا
( إن ساءَ حظّي فسوف أضيع )
يقولون لي: كُلْ واشربْ
افرح بما لديك !
ولكن كيف يمكنني أن آكل وأشرب
على حين أنتزع لقمتي
من أفواه الجائعين
والكأس التي أشربها
ممن يعانون الظمأ
ومع ذلك فما زلت آكل وأشرب
نفسي تشتاق إلى أن أكون حكيمًا
الكتب القديمة تصف لنا من هو الحكيم
هو الذي يعيش بعيدًا
عن منازعات هذه الدنيا
يقضي عمره القصير
بلا خوف أو قلق
العنف يتجنبه
والشر يقابله بالخير
الحكمة في أن ينسى المرء رغائبه
بدل أن يعمل على تحقيقها
غير أنني لا أقدر على شيء من هذا
حقًا إنني أعيش في زمن أسود.
* * *
أتيتُ هذه المدن من زمن الفوضى
وكان الجوع في كل مكان
أتيتُ بين الناس في زمن الثورة
فثرتُ معهم
وهكذا انقضى عمري
الذي قدر لي على هذه الأرض
طعامي أكلتُه بين المعارك
نمتُ بين القتلة والسفاحين
أحببتُ في غير اهتمام
تأملتُ الطبيعة ضيق الصدر
وهكذا انقضى عمري
الذي قدر لي على هذه الأرض.
* * *
الطرقات على أيامي كانتْ تؤدي إلى مستنقعات
كلماتي كادتْ تسلمني للمشنقة
كنتُ عاجز الحيلة
غير أني كنتُ أقضّ مضاجع الحكام
أو هذا على الأقل ما كنتُ أطمع فيه
وهكذا انقضى عمري
الذي قدر لي على هذه الأرض
القدرة كانتْ محدودة
الهدف بدا بعيدًا
كان واضحًا على كل حال
غير أني ما استطعتُ أن أدركه
وهكذا انقضى عمري
الذي قدر لي على هذه الأرض
* * *
أنتم يا من ستظهرون
بعد الطوفان الذي غرقنا فيه
فكروا
عندما تتحدثون عن ضعفنا
في الزمن الأسود
الذي نجوتم منه
كنا نخوض حرب الطبقات
ونهيم بين البلاد
نغيّر بلدًا ببلدٍ
أكثر مما نغيّر حذاءً بحذاء
يكاد اليأس يقتلنا
حين نرى الظلم أمامنا
ولا نرى أحدًا يثور عليه
نحن نعلم
إن كرهنا للانحطاط
يشوّه ملامح الوجه
وإن سخطنا على الظلم
يبح الصوت
آه، نحن الذين أردنا أن نمهد الطريق للمحبة
لم نستطع أن يحب بعضنا بعضًا
أما أنتم
فعندما يأتي اليوم
الذي يصبح فيه الإنسان صديقًا للإنسان
فاذكرونا
وسامحونا.
الكلمة الطيبة لا تجدُ من يسمعها
والجبهة الصافية تفضح الخيانة
والذي ما زال يضحك
لم يسمعْ بعدُ بالنبأ الرهيب
أي زمنٍ هذا ؟
الحديث عن الأشجار يوشك أن يكون جريمة
لأنه يعني الصمت على جرائم أشد هولاً
ذلك الذي يعبر الطريق مرتاح البال
ألا يستطيع أصحابه
الذين يعانون الضيق
أن يتحدثوا إليه ؟
صحيحٌ أني ما زلت أكسب راتبي
ولكن صدقوني، ليس هذا إلا محض مصادفة
إذ لا شيء مما أعمله
يبرر أن آكل حتى الشبع
صدفة، أنني ما زلت حيًّا
( إن ساءَ حظّي فسوف أضيع )
يقولون لي: كُلْ واشربْ
افرح بما لديك !
ولكن كيف يمكنني أن آكل وأشرب
على حين أنتزع لقمتي
من أفواه الجائعين
والكأس التي أشربها
ممن يعانون الظمأ
ومع ذلك فما زلت آكل وأشرب
نفسي تشتاق إلى أن أكون حكيمًا
الكتب القديمة تصف لنا من هو الحكيم
هو الذي يعيش بعيدًا
عن منازعات هذه الدنيا
يقضي عمره القصير
بلا خوف أو قلق
العنف يتجنبه
والشر يقابله بالخير
الحكمة في أن ينسى المرء رغائبه
بدل أن يعمل على تحقيقها
غير أنني لا أقدر على شيء من هذا
حقًا إنني أعيش في زمن أسود.
* * *
أتيتُ هذه المدن من زمن الفوضى
وكان الجوع في كل مكان
أتيتُ بين الناس في زمن الثورة
فثرتُ معهم
وهكذا انقضى عمري
الذي قدر لي على هذه الأرض
طعامي أكلتُه بين المعارك
نمتُ بين القتلة والسفاحين
أحببتُ في غير اهتمام
تأملتُ الطبيعة ضيق الصدر
وهكذا انقضى عمري
الذي قدر لي على هذه الأرض.
* * *
الطرقات على أيامي كانتْ تؤدي إلى مستنقعات
كلماتي كادتْ تسلمني للمشنقة
كنتُ عاجز الحيلة
غير أني كنتُ أقضّ مضاجع الحكام
أو هذا على الأقل ما كنتُ أطمع فيه
وهكذا انقضى عمري
الذي قدر لي على هذه الأرض
القدرة كانتْ محدودة
الهدف بدا بعيدًا
كان واضحًا على كل حال
غير أني ما استطعتُ أن أدركه
وهكذا انقضى عمري
الذي قدر لي على هذه الأرض
* * *
أنتم يا من ستظهرون
بعد الطوفان الذي غرقنا فيه
فكروا
عندما تتحدثون عن ضعفنا
في الزمن الأسود
الذي نجوتم منه
كنا نخوض حرب الطبقات
ونهيم بين البلاد
نغيّر بلدًا ببلدٍ
أكثر مما نغيّر حذاءً بحذاء
يكاد اليأس يقتلنا
حين نرى الظلم أمامنا
ولا نرى أحدًا يثور عليه
نحن نعلم
إن كرهنا للانحطاط
يشوّه ملامح الوجه
وإن سخطنا على الظلم
يبح الصوت
آه، نحن الذين أردنا أن نمهد الطريق للمحبة
لم نستطع أن يحب بعضنا بعضًا
أما أنتم
فعندما يأتي اليوم
الذي يصبح فيه الإنسان صديقًا للإنسان
فاذكرونا
وسامحونا.
برتولت بريخت
كاتب ومخرج مسرحي ألماني